
الغرق في "مستنقع غزة".. الإحباط يسيطر على القوات البرية لجيش الاحتلال
تسيطر حالة من الإحباط على القوات البرية بجيش الاحتلال الإسرائيلي، بسبب نقص التمويل، في الوقت الذي يتحملون فيه العبء الأكبر في الحرب على غزة. ونقلت صحيفة "هآرتس" العبرية، عن ضابط كبير في الجيش، الذي يشارك في الحرب على غزة: "ببساطة، لا توجد ميزانية كافية لإنجاز الأمور على النحو الأمثل. تراه في كل مكان - عندما تستخدم أداة تعمل عن بعد وتتعطل ليلًا، أو تحاول سحب شاحنة نقل قديمة لا تعمل".
قال الضابط: "انظر إلى العملية في إيران وكيف نفذ كل شيء على أكمل وجه. ثم تجد نفسك على الأرض هنا تطلب دعمًا بطائرات مسيرة لقواتك، فيقال لك إنه لا يوجد تمويل. من هذا المنظور، يعرض جنود المشاة للخطر. إنهم وقود للمدافع. لا يوجد وصف آخر".
ووفق الصحيفة العبرية، يشعر سلاح المدرعات بجيش الاحتلال بالضغوط أيضًا، إذ يقول ضابط دبابات أمضى عدة أشهر في غزة: "خدمت في كتيبة مدرعة تابعة للواء مشاة نظامي، وطلب منا في وقت ما عدم إطلاق قذائف الدبابات - إلا إذا كانت الطريقة الوحيدة لحل مشكلة عملياتية، بسبب النقص".
وأضاف الضابط: "قطع غيارنا في أسوأ حالة رأيتها خلال خدمتي. نفتقر إلى المسامير والجنازير - المكونات الأساسية التي تحتاجها الدبابة للتحرك. أما بالنسبة لمحركات الدبابات، فلم يلتزم الجيش بفترات الصيانة المطلوبة بناء على ساعات عمل المحركات منذ بدء الحرب - لأنهم ببساطة لا يستطيعون مواكبة متطلبات الإصلاح".
وذكرت "هآرتس" أنه منذ بدء الحرب على غزة ، امتلأت مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي بمنشورات من جنود يصفون فيها النقص ويطالبون بالمساعدة.
وأوردت الصحيفة العبرية، رسالة حديثة من وحدة الاتصالات في كتيبة مدرعة، جاء فيها: "نحن وحدة احتياط نتلقى معدات قديمة تعرض حياتنا للخطر. ننتشر بشكل متكرر في غزة ونواجه نقصًا في المعدات العملياتية الأساسية. لذلك، نطلق حملة تبرعات".
ولفتت الصحيفة إلى نداءات مماثلة عبر الإنترنت من الجنود، تدعو إلى التبرع بمعدات الحماية الأساسية - خوذات، وسترات سيراميك، ونقالات، وغيرها، مضيفة أنه بعد ما يقرب من عامين من القتال، وفي الفترة التي تسبق عملية كبرى بمدينة غزة، يبدو أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قد وصل حدوده المالية، طائرة مسيّرة بسيطة ورخيصة الثمن.
ولفتت الصحيفة إلى دليل آخر على قيود ميزانية جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي ظهر الأسبوع الماضي في 3 إعلانات مشتريات من وزارة الدفاع، وهي:
أولًا، وافقت لجنة حكومية على خطة لتسريع إنتاج دبابات ميركافا، إضافة إلى ناقلات الجنود المدرعة من طراز نامر وإيتان - بتكلفة تزيد على 5 مليارات شيكل - ما يسلط الضوء على النقص الحالي في هذه المركبات المدرعة.
ثانيًا، أعلنت الوزارة صفقة بقيمة 500 مليون دولار مع الحكومة الأمريكية لشراء طائرتي التزويد بالوقود الخامسة والسادسة لسلاح الجو (من شركة بوينج)، لتحل محل طائرات قديمة كان من المفترض إحالتها إلى التقاعد منذ زمن طويل.
ثالثًا، كشفت الوزارة عن عزمها شراء طائرات مسيّرة من شركة "إكستيند" الإسرائيلية مقابل عشرات الملايين من الشواكل. وركزت المناقصة على كفاءة التكلفة: ستدفع وزارة الدفاع نحو 3500 شيكل لكل طائرة استطلاع مسيّرة. يشمل الطلب الأولي ما يصل 5000 طائرة مسيّرة، مع إمكانية زيادة العدد إلى 15000 في مناقصات مستقبلية.
وحسب "هآرتس"، تسلط هذه المناقصات، إلى جانب الإحباط الأوسع نطاقًا بين القوات البرية بسبب نقص الميزانية، الضوء على توتر طويل الأمد داخل الجيش، بين البزات "الخضراء" (القوات البرية) والبزات "الزرقاء" (القوات الجوية).
وزادت الحرب الأخيرة ضد إيران من حدة هذه التوترات. قادت القوات الجوية الإسرائيلية الهجوم على إيران بشكل رئيسي، واعتُبرت في إسرائيل حربًا قصيرة وحاسمة انتهت بالنصر. على النقيض من ذلك، ينظر إلى غزة على أنها مستنقع طويل الأمد بلا نهاية واضحة في الأفق. تتحمل القوات البرية العبء الأكبر، وتواجه متطلبات لوجستية وبشرية أكبر بكثير.
ويرتبط الإحباط أيضًا بنهج وزارة الدفاع المراعي للميزانية فيما يتعلق بتوريد كميات كبيرة من المعدات للقوات البرية - مقارنة بنهجها في مشتريات سلاح الجو، الذي يتضمن كميات أصغر بكثير، لكن من أكثر الأنظمة تطورًا، مع تنحية اعتبارات التكلفة جانبًا إلى حد كبير.
وتعكس بيانات المحاسب العام لـ2024، المنشورة مارس الماضي، هذا الخلل: في السنوات الأخيرة، وقعت إسرائيل سلسلة من صفقات الشراء الضخمة، وكان نحو 75% منها لسلاح الجو.
وتحذر "هآرتس" من أن القيود على الميزانية تزيد من المخاطر التي يواجهها جنود الاحتياط. ومن المتوقع أن تزيد العملية المخطط لها للسيطرة على مدينة غزة من حدة المخاطر التي يواجهونها.
ونقلت الصحيفة عن أحد الضباط الميدانيين: "إذا كان الهدف الاستيلاء على غزة وهدم تلك المباني الشاهقة، فسيحتاجون إلى نهج جديد كليًا. سيتعين على سلاح الجو القيام بدور رئيسي. وإلا، فلا أرى كيف سينجز ذلك".